
خرج بعض النواب البرلمانيين بتصريحات مفادها أنهم باتوا يخجلون من الإفصاح عن صفتهم كنواب داخل المجتمع، مرجعين السبب إلى موجة الانتقادات التي تطالهم في الفضاءات العامة ووسائل التواصل الاجتماعي. وبينما يؤكدون أن حرية التعبير مكفولة، فإنهم يعارضون ما يعتبرونه سبا وقذفا يتجاوز حدود النقد البناء.
هل التشهير هو المشكلة أم فشل الأداء؟
لا شك أن السب والقذف ليسا أدوات مشروعة في أي نقاش سياسي أو اجتماعي، غير أن هذه التصريحات تطرح تساؤلا جوهريا: هل الانتقادات الموجهة للبرلمانيين مجرد حملات تشهير غير مبررة، أم أنها رد فعل شعبي على أداء سياسي ضعيف؟
من الواضح أن فقدان الثقة في البرلمان راجع إلى شعور المواطنين بعدم تمثيلهم الحقيقي داخل قبة المؤسسة التشريعية، خاصة عندما يكون بعض النواب منشغلين بمصالحهم الشخصية بدلا من الانكباب على قضايا التنمية المحلية. في العديد من الأقاليم، لا تزال المشاكل الاقتصادية والاجتماعية عالقة، والخطابات التي تلقى داخل البرلمان لا تترجم غالبا إلى مشاريع فعلية على أرض الواقع.
لغة الخشب وسلطة النقد
لطالما انتقد بعض البرلمانيين باستخدام “لغة الخشب”، حيث يغرقون في الشعارات والخطابات الإنشائية التي لا تحمل إجابات واضحة لمشاكل المواطنين. وفي ظل هذا الوضع، يجد الشارع نفسه أمام خيار وحيد: توجيه انتقادات مباشرة، سواء عبر الإعلام أو منصات التواصل الاجتماعي، في محاولة لمساءلة المنتخبين عن وعودهم.
لكن السؤال المطروح هو: هل يتحمل البرلمانيون النقد بروح المسؤولية، أم أنهم يلجؤون إلى لعب دور الضحية لتبرير إخفاقاتهم؟ إذا كان التشهير ظاهرة سلبية، فإن محاولات التهرب من المساءلة أسوأ، لأنها تعزز القطيعة بين المواطنين وممثليهم.
بين المسؤولية والمحاسبة
الواقع يفرض معادلة واضحة: البرلمانيون مسؤولون أمام الشعب، ومن حق المواطنين مساءلتهم، لكن في إطار احترام أخلاقيات النقاش العام. بالمقابل، على البرلمانيين الخروج من دائرة الشعارات الفارغة والعمل بجدية لتحقيق التنمية في الأقاليم التي يمثلونها
إن لحل لا يكمن في تكميم الأفواه أو التباكي على الانتقادات، بل في تصحيح المسار السياسي وتقديم نموذج جديد للتمثيل البرلماني يقوم على الإنجاز الفعلي لا الخطاب السياسي المكرر. وحينها، لن يحتاج النواب إلى تبرير مواقفهم، لأن أفعالهم ستكون هي لسان حالهم أمام الناخبين.