
نور الدين الزوركي واحد من أبرز الإعلاميين المغاربة الذين حققوا نجاحًا كبيرًا في المجال الإعلامي الدولي على الأثير الإذاعي وشاشة تلفزيون BBC التي طالما عرفت بهيئة الإذاعة البريطانية المؤسسة التي يقوم ميثاقها التأسيسي على مبدأ خدمة الصالح العام بالتوازن والحياد في التغطية الأخبارية.
وُلِد الزوركي في مدينة أزمور العتيقة، ونشأ في بيئة كان لها تأثير كبير على شخصيته المهنية في المراحل اللاحقة.
عندما غادر المغرب مطلع التسعينيات حاملا شهادة ليسانس في القانون الدولي والعلاقات الدولية من جامعة القاضي عياض في مراكش كان يحلم بدراسة الترجمة وتوظيف ذلك لدخول حقل العمل الدبلوماسي، او هكذا كان يحلم الشاب الآزموري الواسع الطموح المحدود الموارد.
أصبحت لندن المدينة العالمية مجالا رحبا درس فيه الترجمة والشؤون الدولية ثم تحقق حلمه منذ كان شابا يافعا يستمد حاجته من الفنون والآداب والثقافة بمتابعة برامج إذاعة لندن، فقد سنحت له بدعم وتشجيع من الإذاعي المصري الراحل منير عبيد فرصة العمل في إذاعة بي بي سي متعاونا من الخارج
حتى قبل أن يكمل دراسته العليا.
يرى نورالدين الزوركي إن سر نجاحه يكمن في أن عمله المتدرج من متعاون إلى صحفي كامل العضوية في هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، القناة العالمية المعروفة بمصداقيتها في نشر الأخبار الموثوقة والحصرية، يكمن في أن بي بي سي كانت المدرسة الوحيدة حيث تعلم المباديء ومارس الإعلام السمعي والبصري الموضوعي والمحايد على أيدي عدد من الزملاء الذين يدين لهم بالكثير ضمن طاقم مهني متميز، بعيدا عن مؤسسات الإعلام العربي الكبيرة التي رغم اتساع رقعة انتشارها إلا أنها فريسة للاستقطاب السياسي الذي يرى نورالدين الزوركي أنه استقطاب هدام يتهدد حرية العمل الصحفي.
من خلال تجربته في ال BBC أصبح الزوركي واحدًا من أبرز الأصوات الإعلامية وشارك في تغطية العديد من الأحداث العالمية الهامة، وحقق بذلك شهرة واسعة بفضل أسلوبه المحترف المتوازن والدقيق في نقل الأخبار وإدارة الحوارات في البرامج الإذاعية المختلفة التي أعدها وأخرجها كبرنامج “العالم هذا الصباح” و “لحظات حاسمة” و “ملفات الحرب الباردة” أو التي يقدمها حاليا على شاشة بي بي سي نيوز عربي مثل “العالم هذاالمساء” و “بلاقيود”، ناهيك عن عدد من التحقيقات مثل “أثير الكراهية” و “شاشة للرئيس”
رغم النجاحات التي حققها على المستوى الدولي، ظل الزوركي دائمًا مرتبطًا بجذوره المغربية، وخاصة بمدينة أزمور التي نشأ فيها فقد كان دائمًا فخورًا بمسيرته التي بدأت من مدينة صغيرة ليُمثل الإعلام المغربي في الخارج.
إلى جانب مسيرته المهنية، اشتهر الزوركي بشخصيته الإنسانية، فقد كان دائمًا حريصًا على دعم القضايا الإنسانية والاجتماعية من خلال عمله مؤمنا برسالة الإعلام وسيلة قوية للتغيير والإصلاح، وفي هذا الإطار قدم مع فريق BBC MEDIA ACTION سلسلة برنامج “أصوات من فلسطين” الذي يقوم على مساءلة ومحاسبة المواطن الفلسطيني لصناع القرار وقادة الرأي والفاعلين الجمعويين حول مختلف قضايا الشأن العام في الأراضي الفلسطينية، ومن أبرز أعماله على هذا الصعيد أيضاىسلسلة “حوارات عالمية” ضمن برنامج نقطة حوار مع فريق البرنامج والتي تناولت قضايا إقليمية ودولية مثيرة للجدل من قبيل دور الأحزاب ذات الخلفية الإسلامية في الحياة السياسية، وصراع النفوذ الأقليمي في الشرق الأوسط وغير ذلك من قضايا حقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، والحرية الإعلامية.
تمثل حياة نورالدين مثالًا للصبر والإصرار. رغم التحديات الشخصية والمهنية التي مر بها، فقد ظل حريصا على مواصلة تقديم عمله المتميز متخذا شعار “الحياة عمل دائب من أجل الحرية والحقوق المشروعة والحقيقة” مما يجعله مثالًا حيًا للإعلامي الملتزم، الذي استطاع أن يبني لنفسه مكانة مرموقة على الصعيدين المحلي والدولي بفضل احترافيته، وأصبح الزوركي بذلك رمزًا للإعلامي المغربي الذي يسعى لتحقيق التغيير والتقدم.
ويمكن القول إن مسيرته تمثل بذلك درسًا في المثابرة والتفاني، وتُبرز أهمية الحفاظ على المبادئ المهنية في عالم الإعلام المتغير من زمن الإعلام الكلاسيكي إلى زمن الإعلام الجديد والعصر الرقمي وما يحمله كل ذلك من تحديات الأخبار الكاذبة والمزيفة، ليبقى بذلك نورالدين، ابن مدينة آزمور الذي أخذته أحلامه بعيدا وتمكن من تحقيقها، مصدر إلهام للأجيال القادمة من الصحفيين والإعلاميين الذين يطمحون إلى صناعة فارق حقيقي في هذا المجال.