عمال شركات المناولة بمركب المكتب الشريف للفوسفاط بالجديدة: حقوق غائبة ومعاناة في صمت
هيئة التحرير

عمال شركات المناولة بمركب المكتب الشريف للفوسفاط بالجديدة: حقوق غائبة ومعاناة في صمت
رغم أن مدينة الجديدة تحتضن أحد أكبر المجمعات الصناعية التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، إلا أن وضعية العمال داخل الشركات المتعاقدة ، نظراً لغياب الشروط القانونية والإنسانية في بيئة الشغل، وتجاهل تام للحقوق الاجتماعية الأساسية.
يشتغل مئات العمال في شركات مناولة ومقاولات صغيرة فوضت لها مهام داخل المركب الصناعي للفوسفاط، لكن الواقع يكشف أن عدداً منهم يعملون بدون عقود عمل رسمية، ولا يستفيدون من التسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما يضعهم في وضع هش، ويجردهم من التغطية الصحية، والتقاعد، والتعويضات في حالة المرض أو الحوادث.
أمام هذه التجاوزات، يُطرح سؤال جوهري: أين دور مفتشي الشغل؟ وأين مسؤولية الجهات المختصة التي تتقاضى أجوراً من المال العام مقابل حماية حقوق العمال؟ فالتقاعس في مراقبة هذه الشركات لا يؤدي فقط إلى استمرار الخروقات، بل يشجع على التسيب ويقوض هيبة القانون.
صحيح أن العمال لا يُشغلون مباشرة من طرف المكتب الشريف للفوسفاط، لكن المؤسسات الكبرى تتحمل مسؤولية اجتماعية وأخلاقية عن ظروف العمل في جميع الشركات المتعاقدة معها. فاختيار شركاء يخرقون القوانين، وغض الطرف عن ممارسات غير قانونية، يُعد تواطؤاً غير مباشر في انتهاك حقوق الإنسان.
العديد من العمال يبدون تذمرهم، لكنهم يترددون في التعبير العلني خوفاً من فقدان مصدر رزقهم الوحيد. ومنهم من اشتغل سنوات طويلة دون ترسيم أو تغطية اجتماعية، وهو ما يخلق حالة من الإحباط واليأس في صفوف الشباب، خصوصاً وأن المدينة تعاني من ارتفاع معدلات البطالة، وضعف الفرص البديلة.
إن استمرار هذه الوضعية يُعد خرقاً سافراً لمبادئ العدالة الاجتماعية وحقوق الشغل، ويستدعي تدخلاً عاجلاً من وزارتي التشغيل والداخلية، وإطلاق حملات تفتيش صارمة، وفرض احترام القوانين الجاري بها العمل. كما أن المكتب الشريف للفوسفاط مدعو لتحمل مسؤوليته الاجتماعية، والحرص على أن تلتزم جميع الشركات المتعاملة معه بمعايير العمل الكريم.
عمال شركات المناولة بالجديدة لا يطلبون سوى الحد الأدنى من الكرامة والحقوق: عقد قانوني، ضمان اجتماعي، وأجر عادل. مطالب بسيطة ومشروعة في مدينة يُفترض أن تكون رمزا للتنمية والفرص، لا بؤرة للمعاناة والصمت المفروض.