مهرجان دكالة يراهن على الأغنية التراثية لتكريس الهوية الثقافية المحلية

أسدل الستار على الدورة السابعة عشرة من مهرجان دكالة للثقافة والفن، التي احتضنتها مدينة الجديدة، باحتفاء خاص برموز الأغنية التراثية بالمنطقة، في لحظة مزجت بين المتعة الفنية والنقاش الأكاديمي حول سبل حماية هذا الموروث من الاندثار.

الدورة، التي نظمتها مؤسسة مازغان للثقافة والإعلام وجمعية الإسماعلية، بشراكة مع عدد من الفاعلين الثقافيين، اختارت تكريم الفنان بوشعيب الجديدي، كواحد من أعمدة الأغنية الدكالية، نظير ما قدمه من أعمال ساهمت في صيانة الخصوصيات الموسيقية المحلية وتطويرها، إلى جانب استحضار مسار الفنانة الراحلة فاطنة بنت الحسين، باعتبارها إحدى الأصوات النسائية التي بصمت على حضور قوي في تاريخ العيطة المغربية.

البرمجة الثقافية للمهرجان تميزت بتنظيم ندوة علمية قاربت موضوع الأغنية التراثية من زاوية التوثيق والتحصين، عرفت مشاركة عدد من الباحثين والأكاديميين الذين ناقشوا الإشكالات المرتبطة بجمع هذا التراث الشفهي، واقترحوا آليات لإدماجه في المنظومة التربوية والسياسات العمومية الثقافية. الندوة أبرزت أن الأغنية الشعبية لا تمثل فقط تعبيرا فنيا، بل تشكل خزانا رمزيا يوثق لتحولات المجتمع ويعكس ملامح هويته الجماعية.

وفي سياق مواز، تم توقيع مؤلف جديد بعنوان “رواد الموسيقى بدكالة” للكاتب والإعلامي أحمد ذو الرشاد، والذي يؤرخ لمسارات فنانين بصموا المشهد الموسيقي المحلي، سواء في الأغنية العصرية أو التراثية.

أما السهرات الفنية، فقد جمعت بين فقرات الملحون والعروض الشعبية، من توقيع الفنان حمزة البوخليفي، ومجموعة جيل العيطة، وعبد الله لمغاري، ومصطفى الجديدي، حيث تفاعل الجمهور مع ألوان موسيقية مستوحاة من روح المنطقة.

وفي تصريح له، عبر بوشعيب الجديدي عن امتنانه العميق لهذا التكريم، معتبرا أنه شكل لحظة وفاء لذكريات ومسار فني طويل انطلق من نفس المدينة. أما بوشعيب نفساوي، رئيس المهرجان، فأكد أن دورة هذه السنة كانت مناسبة لتثمين الأغنية التراثية عبر تمفصل فني-فكري، جمع بين العروض والندوات.

ويؤكد المهرجان في نسخته الحالية توجهه نحو دعم الثقافة اللامادية باعتبارها رافعة للتنمية الجهوية، من خلال الحفاظ على الذاكرة الجماعية، وتشجيع التوثيق العلمي والإبداع الفني المرتبط بالهوية المحلية.