مشروع “كوبكو” بالجرف الأصفر.. مكسب صناعي كبير وتساؤلات مشروعة حول مناصب الشغل والتنمية المحلية
هيئة التحرير/محمد ازروال

شهدت منطقة الجرف الأصفر مؤخرا تدشين أول وحدة صناعية من نوعها على الصعيد الوطني لإنتاج مواد البطاريات الكهربائية، من طرف شركة “كوبكو” (COBCO)، في إطار شراكة استراتيجية جمعت بين مجموعة “المدى” المغربية والفاعل الدولي “CNGR” المتخصص في مواد الكاثود. مشروع ضخم يعزز موقع المغرب على خريطة الصناعات النظيفة، ويجعل منه منصة إقليمية لتصنيع مكونات أساسية للسيارات الكهربائية وتخزين الطاقة.
لكن، وفي خضم هذه الانطلاقة الصناعية الواعدة، تبرز تساؤلات مشروعة وسط الساكنة المحلية، خصوصا على مستوى إقليم الجديدة وجهة الدار البيضاء – سطات بصفة عامة: هل ستترجم هذه الاستثمارات الهائلة إلى فرص حقيقية لأبناء المنطقة؟أم أن مناصب الشغل، التي تم الإعلان عن أرقامها بتفاؤل (1800 فرصة مباشرة، و1800 غير مباشرة)، ستؤول كما في تجارب سابقة إلى أيد عاملة أجنبية، آسيوية بالأساس، خاصة وأن الجرف الأصفر بات يضم أعدادا متزايدة من العمال القادمين من الصين، الفيتنام، الفيليبين ، الهند وكوريا؟
المشروع، الذي يمتد على أزيد من 238 هكتارا، روج له كمحرك للتنمية الصناعية والبيئية، ومساهم في تسريع التحول الطاقي، عبر إنتاج مكونات بطاريات تعتمد على النيكل، الكوبالت، المنغنيز والليثيوم، بقدرة إنتاجية تبلغ 70 جيغاواط/ساعة سنويا، وهي كمية كافية لتجهيز نحو مليون سيارة كهربائية كل سنة.
في الجانب البيئي، تراهن “كوبكو” على اقتصاد دائري منخفض الانبعاثات، واستعمال الطاقة المتجددة بنسبة 80% مع أفق الوصول إلى 100% بحلول سنة 2026. كل هذه المؤشرات توحي بأن المشروع يتماشى مع توجهات المغرب نحو الاقتصاد الأخضر.
لكن يبقى السؤال الجوهري: ما موقع العنصر البشري المحلي في هذه الدينامية؟
هل ستفتح الأبواب فعلا أمام شباب الجديدة، دكالة، وساكنة الجهة والمغاربة بصفة عامة للاستفادة من فرص الشغل والتكوين؟ أم أننا سنعيد تجربة “مشاريع عملاقة” مرت من هنا، دون أن تترك أثرا حقيقيا في الواقع الاجتماعي لسكان الإقليم؟
وماذا عن البنيات التحتية المحلية، والاقتصاد الاجتماعي، والتشغيل المستدام؟ هل ستواكب هذه المشاريع الاستثمارية الكبرى، أم أن المنطقة ستظل مجرد فضاء للاستغلال الصناعي دون أثر تنموي ملموس؟
أسئلة مشروعة يطرحها أبناء دكالة وهم يتابعون هذا المشروع الطموح. فبين الطموح الصناعي والانتظارات الاجتماعية، يبقى التحدي الحقيقي في قدرة المشروع على المساهمة في عدالة اقتصادية واجتماعية، تعطي الأولوية للكفاءات الوطنية وتربط التنمية بمحيطها الترابي والإنساني.