أخبار وطنية

فضيحة وداديات السكن: الريع العقاري ينخر وزارة الداخليه

جواد المصطفى

 

كشفت تقارير ميدانية مرفوعة من مصالح “الشؤون الداخلية” بعمالات تابعة لوزارة الداخلية عن خروقات خطيرة طالت تسيير عدد من الوداديات السكنية المرتبطة بالإدارات الإقليمية والجهوية. هذه المعطيات، التي استنفرت الإدارة المركزية، تؤكد تورط موظفين ومسؤولين في استغلال هذه الهياكل السكنية لتحقيق مكاسب شخصية مشبوهة، خارج أي إطار قانوني.

الوداديات، التي أنشئت أصلاً لمساعدة موظفي الدولة ذوي الدخل المحدود على اقتناء سكن لائق، تحوّلت إلى منصات للاغتناء غير المشروع. فبدل أن تظل في خدمة الفئات المستهدفة، أصبحت مجالاً خصباً للسمسرة العقارية، حيث تُمنح البقع والشقق لأقارب مسؤولين ومنعشين عقاريين مقابل امتيازات مالية أو خدمات متبادلة.

وحسب مصادر مطلعة، فإن بعض أعضاء مكاتب هذه الوداديات قاموا بتفويت بقع سكنية بأسعار تفضيلية لأشخاص لا علاقة لهم بالإدارة أو بالسلم الوظيفي، ما يشكل خرقاً صارخاً لمبادئ العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. هذه التجاوزات تجري في ظل غياب آليات رقابة صارمة أو محاسبة حقيقية.

الأخطر من ذلك، أن هذا الريع العقاري يتم أحياناً بتزكية ضمنية من بعض المسؤولين المحليين الذين يغضون الطرف مقابل استفادتهم الشخصية، سواء عبر التستر أو من خلال تمكين أقاربهم من الانخراط في هذه المشاريع العقارية الموجهة أساساً للفئات الهشة من موظفي الدولة.

الوضع دفع وزارة الداخلية إلى فتح تحقيقات داخلية ومراسلة المفتشيات المختصة من أجل افتحاص شامل لتدبير الوداديات المثيرة للشبهات. كما يجري حالياً حصر المستفيدين المشكوك في انخراطهم بطرق غير قانونية، تمهيداً لاتخاذ إجراءات تأديبية وربما إحالة بعض الملفات على القضاء.

هذه الفضيحة تضع وزارة الداخلية أمام امتحان حقيقي لإثبات التزامها بمحاربة الفساد وتعزيز الشفافية داخل مؤسساتها. فنجاحها في تنظيف البيت الداخلي من هذه الممارسات سيكون خطوة مفصلية نحو إعادة الثقة في العمل الإداري، وتحصين آليات الدعم السكني من الاستغلال والانحراف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى