أخبار وطنية

24 ألف حالة طلاق في عام واحد.. ناقوس الخطر يدق أبواب الأسر المغربية

هيئة التحرير/محمد ازروال

تواصل حالات الطلاق في المغرب تسجيل معدلات مرتفعة خلال السنوات الأخيرة، في ظل تحولات اجتماعية واقتصادية متسارعة، وسط تحذيرات من تفكك الروابط الأسرية، وتنامي تدخلات العائلات في الحياة الزوجية.

وبحسب معطيات رسمية صادرة عن وزارة العدل، فقد بلغ عدد حالات الطلاق المسجلة خلال سنة 2024 حوالي 24 ألف حالة طلاق اتفاقي، بالإضافة إلى 341 حالة طلاق رجعي، مقابل أكثر من 249 ألف عقد زواج أُبرم خلال نفس السنة. ورغم أن هذه الأرقام تظل أقل من بعض التقديرات غير الرسمية التي تتحدث عن مائة ألف حالة سنويًا، إلا أنها تعكس منحى تصاعديًا واضحًا في حالات الانفصال.

ويرى مختصون في العلاقات الأسرية أن من بين أبرز أسباب الطلاق بالمغرب، تدخل العائلات في القرارات الخاصة بالزوجين، خاصة في ما يتعلق بتدبير الشؤون اليومية أو الخلافات الأسرية، مما يحول دون بناء علاقة مستقلة قائمة على الحوار والاحترام المتبادل.

كما يعد الاعتماد المادي أو المعنوي على الأسرة الأصلية عاملا إضافيا يُفاقم هشاشة العلاقة الزوجية، حيث يجد بعض الأزواج أنفسهم تحت وصاية غير مباشرة، ما ينعكس سلبا على استقرار الأسرة الناشئة.

في المقابل، تفتقر العديد من المدن المغربية إلى مراكز متخصصة في الإرشاد والتوجيه الأسري، وهو ما يعمق الأزمة ويضعف فرص المصالحة، خاصة مع قلة الحملات التوعوية والإرشادية التي من شأنها تنمية ثقافة التفاهم داخل الأسر.

وتعتمد المحاكم المغربية، بموجب مدونة الأسرة، على إجبارية محاولة الصلح قبل الحكم بالطلاق، ويسند هذا الدور إلى قضاة الأسرة بمساعدة مكاتب المساعدة الاجتماعية ومجالس العائلة، لكن التطبيق العملي لهذه الآلية لا يرقى في كثير من الأحيان إلى مستوى تطلعات الفاعلين الاجتماعيين.

وتعكف وزارة العدل حاليا على مراجعة بعض بنود مدونة الأسرة، في إطار تصور شامل يسعى إلى تعزيز الوساطة الأسرية، وتشجيع إنشاء مراكز الدعم الأسري داخل محاكم الأسرة، إلى جانب مشروع اعتماد “شهادة التأهيل للزواج”، كشرط يسبق إبرام العقد، بهدف تمكين المقبلين على الزواج من أدوات الحوار والتدبير المشترك.

وفي ظل هذه التحولات، يجمع العديد من المهنيين والباحثين على ضرورة العمل على تمكين الأزواج الشباب من الاستقلال المادي والاجتماعي، وإرساء ثقافة مجتمعية تؤمن بخصوصية العلاقة الزوجية، وترفض التدخلات الخارجية التي تُهدد استقرار الأسرة.

ويشكل الطلاق في المغرب تحديا حقيقيا، يتجاوز البعد القانوني ليلامس أبعادا نفسية، اجتماعية، واقتصادية، مما يستدعي انخراطا شاملا لمختلف الفاعلين، من أجل تحصين مؤسسة الأسرة وتقوية مناعتها في وجه التغيرات الراهنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى