المصطفى زموري.. ابن أزمّور الذي خطف أمريكا ونسيناه في إقليم لا يعرف قيمة رجاله
جواد المصطفى

المصطفى زموري.. ابن أزمّور الذي خطف أمريكا ونسيناه في إقليم لا يعرف قيمة رجاله
جواد المصطفى
الجزء الثاني
بينما تتقاتل مدن كثيرة لتصنع لها رموزًا وتاريخًا، تقف أزمّور على كنز بشري عالمي اسمه المصطفى زموري، لكن المفارقة المحزنة أن العالم يحتفل به… وإقليم الجديدة لا يكاد يعرفه. الرجل الذي سبق الأوروبيين إلى عمق أمريكا الشمالية، والذي دخل تاريخ الإنسانية كمستكشف رائد، ما زال مجرد ظِلّ في الذاكرة المحلية.
ولد زموري في أزمّور أواخر القرن الخامس عشر. خطفه البرتغاليون، وباعوه في إسبانيا كما تُباع السلع، لكنه قلب الطاولة على الجميع عندما التحق بحملة نارفاييث سنة 1527. تحوّلت الحملة إلى كارثة، غرق الرجال والجنود، ولم ينجُ سوى أربعة… من بينهم المغربي الأسمر، القادم من ضفاف أم الربيع، المصطفى زموري.
هذا العبد السابق أصبح خلال ثماني سنوات من المشي والغربة والجوع هو العقل المدبر للبعثة. الآخرون كانوا يتبعونه، والقبائل الأصلية كانت تنصت إليه. شقّ طرقًا جديدة وسط أراضٍ لا خرائط لها، وتواصل مع عشرات القبائل، وقاد المجموعة عبر تكساس وأريزونا ونيو مكسيكو وصولًا إلى المكسيك. لم يسبقه إلى هذه المناطق لا لويس ولا كلارك ولا أيّ من المستكشفين الذين ملأت أسماؤهم كتب المدارس.
التاريخ الأميركي اليوم يعترف بأن أول إفريقي وطأت قدماه أرض الولايات المتحدة كان مغربيًا. أول مسلم دخل قلب القارة كان شابًا من أزمّور. أول وسيط ثقافي بين العالم العربي والأميركيين الأصليين كان هذا الرجل الذي نُسي في بلده وتحوّل إلى أسطورة في بلد الآخرين.
السؤال المؤلم: لماذا لا يوجد تمثال واحد للمصطفى زموري في أزمّور؟ لماذا لا يوجد متحف صغير أو معلم يحمل اسمه؟ لماذا لا تستثمر جماعة أزمّور، وإقليم الجديدة كله، هذه الشخصية العالمية التي يمكن أن تجعل من المنطقة وجهة سياحية ثقافية فريدة؟
إقليم يبحث عن التنمية، بينما يمتلك واحدًا من أهم رموز الاستكشاف في تاريخ البشرية. مدينة تبحث عن هويتها، بينما يحمل العالم اسم ابنها في كتب الجامعات الأميركية. أي عبث أكبر من هذا؟
قصة المصطفى زموري صفعة في وجه من يعتبر التاريخ رفاهية، وهي فرصة ذهبية ضائعة يمكن أن تغيّر صورة المنطقة، وتحوّل أزمّور من مدينة منسية إلى علامة دولية.
العالم احتفى بزموري منذ قرون. فقط نحن من تأخر… وما زلنا نتأخر.
يتبع



