
لم يعد خافيا على أحد أن جماعة أولاد احسين تعيش على إيقاع فضيحة مدوية، أبطالها رئيس الجماعة وبعض المستشارين الذين حولوا سيارات المرفق العمومي إلى أدوات لخدمة مصالحهم الخاصة، في مشهد يندى له الجبين ويسيء لسمعة العمل الجماعي برمته.
من غير المقبول أن يُقتنى رئيس الجماعة سيارة من مالية الجماعة منذ أزيد من سنة، وتُسلَّم لمستشار جماعي فقط من أجل ضمان ولائه والبقاء في صف الرئيس. هذه الممارسات تضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص وتكشف عن عقلية الريع السياسي التي ما زالت تنخر بعض الجماعات الترابية.
الأدهى من ذلك أن السيارة المخصصة أصلا للوحدة الطبية، والتي كان يُفترض أن تُسخَّر لخدمة الساكنة ونقل الحالات المستعجلة، تحولت بدورها إلى ملكية خاصة عند مستشار من الأغلبية، في خرق سافر للقوانين والأعراف، واستهتار صارخ بأرواح المواطنين وصحتهم.
مصادر مطلعة تحدثت عن ميزانية تقارب 30 مليون سنتيم مخصصة للبنزين سنويا لهذه السيارات، وهو رقم صادم يكشف حجم النزيف المالي الذي تتحمله الجماعة مقابل سيارات تجوب الطرقات بدون مهام واضحة، فقط لإرضاء خواطر بعض المنتخبين المحظوظين.
إن ساكنة أولاد احسين تعيش اليوم حرمانا مزدوجا حرمان من خدمات طبية ملحة كان يُفترض أن توفرها سيارة الوحدة الصحية، وحرمان من الاستفادة العادلة من سيارات الجماعة التي تُمول من جيوب دافعي الضرائب، لا من جيوب المسؤولين الذين حولوا المرفق العمومي إلى ضيعة خاصة.
من موقعنا كإعلام وطني ، نتوجه برسالة واضحة وصريحة إلى السيد عامل إقليم الجديدة، الرجل الذي لا يرحم المفسدين، من أجل التدخل العاجل لوقف هذا العبث، وإصدار تعليماته بوضع جميع سيارات الجماعة في المرآب الرسمي، لتكون رهن إشارة الساكنة وفق ضوابط شفافة ووفق مهام محددة.
كما نلتمس من وزارة الداخلية الإسراع بفرض نظام GPS على سيارات الجماعات الترابية، حتى يعلم الجميع أن هذه العربات ليست ملكا شخصيا لأي مسؤول، بل هي وسيلة لخدمة المرفق العمومي. ونؤكد للرأي العام أننا مستعدون للمحاسبة والمحاكمة إن كان في هذا المقال مغالطة واحدة، لأن الحقيقة لا تخاف من العلن.
أزيد من 600 منزل بلا كهرباء، طرق معزولة، نقل حضري غائب، وعطش ينهك الساكنة.. تلك ليست أقدارا سماوية، بل نتيجة فشل تدبيري صارخ يُحرم أولاد احسين من أبسط حقوق العيش الكريم، وعلى السلطات الوصية أن تتدخل قبل أن ينفجر صبر الساكنة
إن رئيس جماعة أولاد احسين مطالب اليوم بتقديم أجوبة واضحة أمام الساكنة لماذا تُهدر الملايين على سيارات تتحول إلى امتيازات شخصية، بينما أزيد من 600 منزل بلا كهرباء، والماء غائب، والطرق معزولة؟ إن التسيير ليس غنيمة ولا تجارة ولاءات، بل مسؤولية تاريخية، وأي استمرار في هذا العبث لن يُحسب إلا على الرئيس شخصيًا، أمام الرأي العام وأمام مؤسسات الرقابة.



