أعمدة الرأيإقليم الجديدة

المال العام بين التبذير والانتقائية: مشاريع تُبنى بلالة عيشة البحرية وأخرى تُهدم بجوار الحي البرتغالي

هيئة التحرير/الجديدة وان

لم يعد مقبولاً أن تُرفع شعارات “التنمية البشرية” بالجديدة، بينما الواقع يكشف العكس تماماً: مشاريع تُصرف عليها أموال عمومية وتُزال في صمت، وأخرى تُمنح دعماً سخياً في مناطق بعينها. آخر الأمثلة الصارخة، ما وقع بجوار الحي البرتغالي حيث أُزيل مشروع موجه لفائدة الباعة المتجولين رغم أنه كلف ميزانية معتبرة من المال العام.

الصورة التي لا تزال عالقة أمام أعين الساكنة، هي بقايا الأكشاك الحديدية المتهالكة، التي لم تعمر طويلاً قبل أن يتم اقتلاعها منذ أكثر من ستة أشهر. هذا المشهد المؤلم يلخص حجم العبث في تدبير المشاريع التنموية مال عمومي صُرف، ووعود تنموية تبخرت، ومبادرة لم تُعمر إلا قليلاً قبل أن تنتهي في خبر كان .

في المقابل، وعلى بعد كيلومترات قليلة، تتواصل أشغال بناء مشروع آخر على شاطئ لالة عيشة البحرية، عبارة عن أكشاك خشبية جديدة تم تشييدها في إطار نفس المبادرة. وهنا يطرح السؤال نفسه بإلحاح: ما الذي جعل مشروع البحرية يحظى بالدعم والاستمرارية، بينما كُتب لمشروع البرتغالي الإزالة والنسيان؟

التناقض صارخ، والنتيجة واضحة انتقائية في تنزيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وغياب لأي عدالة مجالية. إذا كانت المبادرة وُجدت لتكريس المساواة ومحاربة الهشاشة، فكيف نفسر أن حيّاً تاريخياً مصنفاً تراثاً عالمياً لدى اليونسكو يُحرم من مشروع كان يمكن أن يخفف معاناة شبابه وباعته المتجولين؟

إن هذا الواقع يكشف أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مهددة بأن تتحول إلى مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي، إذا لم يتم القطع مع العبث والمحسوبية، واعتماد معايير شفافة وواضحة في اختيار المشاريع وتتبعها. فالمشاريع ليست ملكاً للمسؤولين، بل هي حق للساكنة التي تموّلها من جيوبها عبر المال العام.

لذلك، فإن المطالبة اليوم لا تقف عند حدود التساؤل، بل تتعداها إلى دعوة صريحة لفتح تحقيق من طرف المجلس الأعلى للحسابات، لتحديد المسؤوليات ومصير الأموال التي صُرفت في مشروع الحي البرتغالي قبل أن يُزال. لأن التنمية الحقيقية لا تقوم على الشعارات، بل على ربط المسؤولية بالمحاسبة، وضمان العدالة لجميع أحياء الجديدة بلا استثناء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى