الوليدية تحت الضغط.. لعبة حزبية تُسقط هشام جوبير وترتّب المشهد لصالح تحالف غير مُعلن
جواد المصطفى

“الوليدية تحت الضغط.. لعبة حزبية تُسقط هشام جوبير
وترتّب المشهد لصالح تحالف غير مُعلن”
جواد المصطفى
في خطوة مثيرة أثارت الكثير من الجدل في الأوساط السياسية بإقليم سيدي بنور، فُتح باب التأويلات على مصراعيه بعد سحب مفاجئ للتزكية من المستشار الجماعي هشام جوبير، الذي كان مرشحًا وازنًا عن حزب الاستقلال لرئاسة جماعة الوليدية. القرار، الذي لم يُقدَّم له أي توضيح رسمي، أعاد إلى الواجهة سؤالًا مقلقًا: هل لا تزال إرادة القواعد الحزبية تحظى بالاعتبار، أم أن التحالفات الفوقية أصبحت هي المُحدّد الحقيقي للقرارات؟
وفق مصادر خاصة لموقع الجديدة وان، فإن أسباب هذا الانعطاف لا تقتصر فقط على توازنات داخلية، بل تتجاوز ذلك إلى ما يشبه صفقة سياسية قيد الإعداد. فحزب الاستقلال، الذي يبدو عازمًا على إعادة هندسة موقعه في الإقليم، يُراهن حاليًا على اسم ثقيل يتمثل في البرلماني عبد الغني مخداد، الذي يجري التفاوض معه للالتحاق بالحزب، على أن يكون ذلك مشروطًا بـ”تنازل سياسي” يتمثل في دعم مرشح الاتحاد الاشتراكي طارق المخفي لرئاسة جماعة الوليدية .
هذا الترتيب الذي يبدو على الورق محاولة ذكية لربح مواقع انتخابية متقدمة في المستقبل، جاء على حساب هشام جوبير، الذي وجد نفسه خارج اللعبة في اللحظات الأخيرة، رغم كونه من أبرز الأسماء التي تحظى بثقة قواعد الحزب محليًا. مما يثير السؤال مجددًا حول مصير الاستحقاقات الانتخابية حين تُختزل في تفاهمات فوقية تتجاوز منطق التنافس الديمقراطي.
اللافت أن القرار اتُّخذ، حسب المعطيات المتوفرة، في غياب أي نقاش فعلي داخل هياكل الحزب محليًا، وهو ما اعتبرته فعاليات سياسية “ضربًا لمبدأ التشاركية، واستخفافًا بثقة الناخبين”، خاصة وأن الصراع في جماعة الوليدية كان مرشحًا ليكون تنافسيًا وقائمًا على برامج وأشخاص يحظون بشرعية انتخابية.
أما على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، فقد وُوجه هذا القرار بموجة غضب واسعة، تُرجمت إلى هاشتاغات مثل #صفقة\_الوليدية\_خيانة، واتهامات صريحة بتفويت الإرادة الشعبية. وعبّر عدد من المتابعين عن خيبة أملهم في “انحدار مستوى الالتزام السياسي لدى بعض الأحزاب، التي باتت تنظر إلى التزكيات كأوراق ضغط تفاوضية، لا كترجمة فعلية لاختيارات المواطن”.
في العمق، ما جرى ليس فقط مسألة تزكية تم سحبها، بل مشهد متكامل يُجسّد اختلالًا في التوازن بين المركز والقاعدة داخل الأحزاب، وانزلاقًا نحو منطق الصفقات العابرة للانتماءات والمبادئ. فالتضحية بمستشار جماعة الوليدية لصالح إعادة ترتيب موازين القوى الإقليمية، يؤكد أن السياسة لم تَعد فقط مرتبطة بالصناديق، بل أيضًا بما يُدار خلف الأبواب المغلقة.
إن ما جرى في جماعة الوليدية ليس مجرد مناورة تنظيمية أو خطأ تكتيكي، بل هو ناقوس خطر يُنذر بانزلاق الأحزاب نحو منطق المقايضة السياسية بدل التنافس الديمقراطي. وحين تُصبح التزكيات رهينة مصالح آنية وتحالفات رمادية، فإن الشرعية تُفرّغ من مضمونها، والثقة الشعبية تُصاب في العمق. فإما أن تعود الأحزاب إلى منطق الشفافية واحترام إرادة مناضليها، أو تواصل الانحدار في أعين الناخبين حتى تُصبح بلا وزن، وبلا معنى، وبلا مستقبل.



