إقليم الجديدة

الجديدة في مرمى التهميش.. أزمة نقل وهيكلة حضرية تفتح أبواب التساؤل

هيئة التحرير/الجديدة وان

لم تعد مدينة الجديدة، التي شكلت لعقود وجهة سياحية بامتياز وواجهة ثقافية وسياحية للمغاربة، قادرة على الحفاظ على إشعاعها الحضري. إذ تعيش المدينة اليوم على وقع أعطاب متراكمة في عدد من القطاعات الحيوية، وسط تساؤلات متزايدة حول مآل الوعود الانتخابية والبرامج التنموية التي لطالما رُوج لها.

أولى مظاهر هذا الاختلال تتجلى في وضعية النقل الحضري، التي باتت تؤرق الساكنة وتقيد حركتهم اليومية. فالحافلات التي تؤمّن النقل داخل المدينة وُصفت من طرف عدد من المواطنين بأنها “خردة متحركة”، لا تحترم معايير السلامة ولا توفر الحد الأدنى من الراحة. أسطول محدود، خطوط مشتتة، وتوقف شبه كلي عن الخدمة مع غروب الشمس، ما يعمق من عزلة الأحياء الهامشية ويضرب في العمق حق التنقل، خاصة في فترات الليل.

أما سيارات الأجرة الصغيرة، فتحولت من خدمة عمومية إلى قطاع تحكمه المزاجية والعشوائية، حيث يفرض على الزبناء القبول بشروط غير واضحة، في ظل غياب شبه تام للمراقبة والتنظيم. في هذا السياق، تتعالى أصوات تطالب بالسماح لسيارات الأجرة الكبيرة (طاكسي كبير) بالعمل داخل المدار الحضري، كحل عملي وواقعي لتخفيف الضغط وتوسيع العرض. غير أن السلطات والمجلس الجماعي يواصلان رفض هذا الخيار، ما يطرح تساؤلات جدية: هل يتم تغليب مصالح بعض لوبيات النقل على حساب المصلحة العامة؟ وهل من المنطقي حرمان المدينة من خدمة حيوية فقط لحماية امتيازات فئة معينة؟

في الجانب البيئي، لا تبدو أوضاع المدينة أفضل حالا. فقد خسر شاطئ الجديدة، الذي كان إلى عهد قريب رمزا للتميز السياحي، اللواء الأزرق خلال الموسم الماضي، وهو مؤشر دولي يعكس جودة المياه والمرافق والخدمات البيئية. في المقابل، نال هذا التقدير شاطئ الحوزية المجاور، ما يفتح باب التساؤل حول مدى اهتمام بلدية الجديدة بصيانة الشريط الساحلي وتطوير بنياته، ويطرح علامات استفهام حول فرص استعادة هذا التصنيف في الموسم الحالي.

مشاكل النظافة هي الأخرى باتت جزءًا من يوميات السكان، في ظل غياب الحاويات وتراجع وتيرة جمع النفايات، إلى جانب تدهور المساحات الخضراء وتحول عدد منها إلى مناطق مهملة بدون صيانة أو تأهيل. أما الإنارة العمومية، فتعاني في عدة أحياء من أعطاب مستمرة، تعمّق من الإحساس بانعدام الأمن وتشوه الفضاء العام للمدينة.

الجانب الثقافي والترفيهي لا يختلف كثيرًا، إذ تعاني المدينة من شبه فراغ في البنيات والأنشطة. باستثناء موسم مولاي عبد الله، الذي ينظم سنويًا، تغيب العروض المسرحية، الورشات، والسهرات ذات الطابع الثقافي والفني، ما يترك فئة الشباب في مواجهة فراغ قاتل.

أمام هذا الوضع، تتجه الأنظار نحو المجلس الجماعي والسلطات الإقليمية، مع دعوات لاتخاذ إجراءات ملموسة، تهم فتح المجال لوسائل نقل إضافية وعلى رأسها سيارات الأجرة الكبيرة، وإعادة النظر في منظومة النقل برمتها، وتوفير البنيات الأساسية التي تليق بمدينة بمكانة الجديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى