
في عز ذروة الموسم الصيفي، تعيش مدينة الجديدة على وقع فراغ قاتل، بلا مهرجانات، بلا فعاليات، بلا أدنى مظهر لحياة ثقافية أو فنية تليق بمكانتها كواحدة من أبرز الحواضر الساحلية في المغرب. المشهد صادم ومُحبط، ويطرح أكثر من علامة استفهام حول من يدبر الشأن المحلي، وأين اختفت الوعود التي تملأ خطب الحملات الانتخابية كل خمس سنوات.
باستثناء موسم مولاي عبد الله أمغار، الذي تنظمه الجماعة القروية المجاورة، لا يلوح في الأفق أي برنامج صيفي رسمي من جماعة الجديدة الحضرية. لا مهرجانات موسيقية، لا أنشطة للأطفال، لا معارض، لا مساحات فرح. فقط شوارع خانقة، ومقاهٍ شبه فارغة، واقتصاد محلي يئن تحت وطأة الإهمال والركود.
المثير للسخرية أن مدنًا مثل الصويرة، المضيق، تيزنيت، أكادير، الرباط وحتى مراكش، تعيش صيفًا متوهجًا بفضل مهرجانات وفعاليات تحرك عجلة الاقتصاد وتعيد الحياة للمدينة. فما الذي يجعل الجديدة استثناءً بئيسًا؟ أين المجمع الشريف للفوسفاط؟ أين الشركات الصناعية التي تحقق أرباحًا ضخمة من تراب الإقليم؟ ألا توجد عندها مسؤولية اجتماعية؟ أم أن دعم الثقافة والتنشيط مجرد شعارات فارغة؟
والمصيبة أن جمعيات محلية جادة، قدمت مقترحات ومشاريع متكاملة، قُوبلت أبوابها بالإغلاق، إما بسبب اللامبالاة أو غياب الإرادة. الجهات المنتخبة تتفرج، والمصالح الإقليمية في سبات عميق، وكأن لا أحد هنا يرى أن الصيف فرصة لتحريك الاقتصاد، وخلق فرص عمل، وبناء صورة إيجابية عن المدينة.
هل ننتظر أن يأتي عامل الإقليم ليفتح الملفات ويحاسب المتقاعسين؟ أم سيبقى الوضع على ما هو عليه منتخبون غائبون، مسؤولون نائمون، وشركات لا ترى من الجديدة سوى خيراتها؟ الجديدة لا تستحق هذا المصير الرمادي، وهي في أمسّ الحاجة إلى صيف مختلف، صيف يُعيد الاعتبار لساكنتها، وينعش شرايينها الثقافية والاقتصادية.